حزن ... !

جلست في مكاني المعتاد لاسرد على روحي الحزينة حكاية جديدة، لعلّي أنجح في الحدّ من جفاف واقعها و أسقيها آمالا وأفاقًا تقطع مع ظمأها المرير. نثرت أوراقي على الطاولة الموضوعة أمامي وانطلقت في القصّ . ' بطل قصة اليوم هو شخص غريب الاطوار و تعيس الحظ , بدأ حياته منذ أول صرخة أطلقتها هلعاً من صدمة خروجي من عالمi الصغير الآمن في بطن أمه إلى هذا العالم الكبير المتماوج المسمّى بالحياة , عاش مغتربا في مجتمع قدسّ الجهل وتنكّر لأيّ موعد له مع التفكير. لقد اختار منذ صغره تحكيم عقله في التمييز بين الأشياء .. يجب التطرّق كذلك عند الحديث عن بطل القصّة إلى علاقته بالنساء، إذ يمثلن بالنسبة اليه مصدر البهجة ومنبع السكينة المرجوّة . يردّد البعض أنّه في يوم ما صرّح ان الانثى و الجنس فن و الفنان في وطنه مهضوم . بطل اليوم شخصية قدرها الفشل في كل تجاربها لكنها خيّرت الصمود و الثبات و عدم الانكسار في زمن الهزائم .. قصة غرامية فاشلة , احلام ضبابية , مستقبل لا يعلمه غير الله . 

تحمّست و تحمست روحي و ذكرياتي أكثر، صارت حواسهم منصهرة تماما مع ما أسرده و أسترجعه . فواصلت ولم أرد أن أعكّر مزاجهم :

بعد غربة شاقة وجدها في عالمه الموجود اشتاق بطلنا لجنته المعهودة .. لمكان تعلم فيه أبجديات التفكير و الكتابة .. لهذا فهو يحارب يومه بكتابات حزينة تارة و بغزليات عن ذلك الامل المحيّر في حياته .. أقول محيرا لان صديقنا يجهل مستقبله و يجهل ما يفعل فقرر السباحة في خيال يرنو اليه .. قبع في زاوية يفكّر في مصيره البائس إلاّ أنّ مشهدا مغايرًا هزّ كيانه فجأة وجعله يحسّ بأنّ شيئا ما في ذكرياته يشبه الحياة. لاحظ في الركن المقابل امرأة فاتنة الجمال تجلس وحيدة وتضع في حضنها كتابا مثيرًا. أحسّ بسعادة أزليّة تغمره، لم يتخيل ولو للحظة أنّ يصادف في هذا المكان أنثى تتجمّل من أجل إغراء كبريائها، وكتابا يغذّي الفكر وينعشه في مكان لا معنى لاستعمال العقل فيه. اقترب منها .. نعم هي تلك الفتاة المجهولة المحيرة في واقعه المحتوم .. بدأ القدر في فعل فعلته لكن بطل القصة كان شجاعا فقرر مواجهة المصير و المضي قدما نحو تحقيق اهدافه بخطى ثابتة .. أعلنت صباح الخير من الام نهاية القصة فأدركت بانني أروي لنفسي حكاية ذاتية و لست امام جمهور او روح .. و تيقنت أنّ الخيال صنعَ لمحة مختصرة عن حياتي وسكنها . أمّا الأنثى والكتاب، فلا يعلم أمرهما إلاّ الله ..

عزيز : في دهاليز ثورتكم